رجال سوريون يعانون تحت ضغط الحياة و الأحداث.. وربما يضطرون للموت بصمت
bedna7al — اثنين, 09/08/2014 - 02:23
حسام الزير– خاص – بدنا حل
تزداد ضغوط الحياة يوماً بعد يوم وتتحول إلى قلق يجول في رأس رب الأسرة، فالتزامات الأسرة واحتياجاتها، إيجار المنزل بعد النزوح أحياناً، وعمل متقطع ومحكوم بهدوء أجواء الحرب في معظم الأوقات، ومستقبل مجهول لا يمكن التنبؤ حتى يوم غد فيه. كلها تتحدى حكمة وصبر الرجال، وتتحدى ربما رغبتهم في الحياة.
اختلاف ظروف الحياة .. ليس سهلاً
الكثير من العائلات في سورية انقلبت حياتها رأساً على عقب، فإما تحولوا إلى لاجئين في دول الجوار أو نازحين في الداخل تركوا منازلهم وأعمالهم ليواجهوا المجهول أو انتهت حياتهم في هذا الصراع.
أبو محمد مواطن من حلب مقيم في حماه يقول: " كنت أعمل تاجراً في حلب لدي الكثير من الأعمال وعندي أملاك كثيرة، اضطررنا تحت ظروف الحرب للنزوح إلى حماه، لم نستطع إحضار أي شيء، لم نحسب حساباً لهذه اللحظة، والآن نحن نازحون لا نمتلك شيئاً سوى معونات لا تكفي نصف احتياجاتنا، وأنا أصبحت كبيراً في العمر لا أقوى على العمل أو البحث عنه".
يتابع أبو محمد " لأبنائي هموم تفوق همومي وليس باستطاعتهم مساعدتي، لذلك لا انتظر شيئاً سوى أمل بسيط بالمستقبل، أو نهاية هادئة وحسن الختام".
فيما تقول أم نزار من مدينة حمص مقيمة في دمشق " كنا نمتلك أراضٍ في الريف الحمصي ونعمل بها، ونجني مواسم جيدةً سنوياً. اشتد الصراع في حمص فنزحنا إلى دمشق، وبقينا على أمل الرجوع لعدة أشهر قبل أن نفقده، والآن زوجي بائع متجول، يعمل أوقاتاً مضاعفة ويفقد في كل يوم يخرج فيه للعمل رغبته في الحياة".
تتابع أم نزار " كان منزلنا ريفي واسع تحيط به الأشجار والطبيعة من كل مكان، بينما نقطن الآن في منزل فيه غرفة واحدة ولا تدخله الشمس أبداً، فأي حياة هذه".
ويتجه الصبر إلى الانفجار
تتجاوز هذه الأزمة في سوريا حدود الاحتمال عند البعض، فظروف الحالية وخيالات الحياة السابقة تتصارع لتبدو إلى الخارج هماً لا ينفذ إلى الأقلام.
أم عمار من ريف دمشق مقيمة في لبنان تقول "كان يمتلك زوجي في سوريا ورشة خياطة، وكان يعمل لديه سبعة عمال، ويكسب أضعاف ما يكسب أي موظف سوري، وكان يخطط لتطوير عمله و توسيعه، إلا أنّ وقع الأحداث كان أكبر، وعلى وقعها رحلنا إلى لبنان، في لبنان لم نعاني إلا الفقر والقلة بسبب الغلاء الفاحش في كل شيء وعدم عمل زوجي".
تكمل أم عمار "في كل يوم هنالك مشكلة بيني وبين زوجي لأنّه لم يحتمل الجلوس في المنزل فجأة، وعدم وجود عمل يقبل به، في كل يوم يصارع ذباب وجهه، ولا حلاً يبدو له، ليتني أستطيع حل هذه المشكلة".
فيما تقول أم ياسر من حمص مقيمة في حماه "زوجي يحب العمل بشكل كبير، وعندما نزحنا من حمص إلى حماه لم يستطع إيجاد فرصة عمل له، فبقي في البيت شهراً واحداً قبل أن يصاب بجلطة من كثرة ضغوط الحياة وتفكيره الزائد في حلول".
تستمر أم ياسر في الحديث "هنالك على الأقل ثلاثة حالات مشابهة في حيينا، وواحدة لحالة نفسية أصابت جارنا بعد خسارته لكل ما يملك في حلب".
وربما يعني الانفجار الموت
من لم ينجو من آثار الأزمات التي حلت عليه، اضطر لترك الهموم والاستسلام للموت كأفضل حل لمعاناته كما يعتقد.
مسعود من مدينة حماه يقول: "عُرف عن جارنا الذي أتى خلال الأحداث من مدينة حلب بأنه رجل أعمال خسر كل شيء في حلب، وحاول التواصل مع أحد أقربائه في حماه حتى يجد له مسكناً أو يسكنه في منزله مؤقتاً إلا أنه لم يلقى القبول، قدم أخيراً إلى حماه مع زوجته وأبنائه واستأجر منزلاً، لكنه لم يقطن فيه أكثر من شهرين حتى توفي بجلطة في الدماغ، لتنتهي حياته بعد عدة أزمات أهمها أزمة أخلاق عائلية".
فيما تقول إيمان من دمشق "توفي أحد أقربائي بعدما اجتمعت عليه كل مصائب الحياة، فعمله السابق في الزراعة لم يعد متوفراً في الريف الدمشقي، وهموم عائلته كثيرة باعتبار أن لديه ولد معاق ويحتاج عناية وأدوية خاصة، وأولاده اجتمعوا كلهم في منزله بعدما نزحوا كل من منطقة في دمشق. وفي يوم ما خرج من منزله ليبحث عن عمل لتنتهي حياته في طريقه نحو البحث".
وتتابع إيمان "بحسب زوجته، كان صامتاً، يحبس في قلبه معاناته، ولكنها في هذه المرة كانت همومه أكبر من أن تحبس في القلب، فانفجرت وأنهت حياته".

علِّق